من مواعظ الصوفية
أبو حامد الغزالي
قال أبو حامد الغزالي العالم المشهور صاحب المصنفات المشهورة: "فَتَفكَّر يا عبدَ اللهِ بعد هذه الأحوال في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)﴾ سورة مريم
وقوله تعالى: ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)﴾ الصافات
ثم تفكَّر فيما يَحِلُّ من الفزعِ بفؤادك إذا رأيْتَ الصراط .. ثم وقع بصرُكَ على سَواءِ جهنم .. ثم قرَعَ سَمْعَكَ شهيقُ النّار .. وقد كُلِّفْتَ أن تمشي على الصراط مع ضَعْفِ حالِكَ واضطرابِ قلبِكَ وتَزَلْزُلِ قدميْكَ وَثِقَلِ ظهْرِكَ بالأوزار ..
فكيف بِكَ إذا وضَعْتَ عليهِ إحدى رِجليْكَ واضطرَرْتَ إلى أن ترفعَ القدمَ الثّانِية؟
وبعْضُ الخلائِقِ بين يديْكَ يَزِلّونِ ويتعَثَّرون وأنت تنظُرُ إليهم كيف يتنَكَّسون.
فتدْنو إلى جِهَةِ النّارِ رؤوسهم وتعلو أرْجُلهُم
فيا له من مَنْظَرٍ ما أفْظعَهُ وموقِفٍ ما أصْعبَهُ!
فكيف بِكَ إذا زَلَّتْ قَدمُكْ ولم يَنْفَعْكَ ندَمُكْ؟!
وقُلْتَ يا ليتني قدَّمْتُ لحياتي
فَسارِعْ إلى التَّوْبةِ يا عبدَ اللهِ وَكُنْ كجناحي الطَّيْرِ