أُوصيكم بأن تكونُوا قدوةً لغيرِكُم بتركِ التنعمِ معاذُ بنُ جبلٍ رضيَ الله عنهُ لمَّا وجهَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال له: "إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين". التنعم عقبة في طريق طالب الآخرة.
الإنسَانُ خُلِقَ لِيَعبُدَ اللهَ، مَا خُـلِـقَ لـلأَكلِ والشُّرْبِ. عِبَادَةُ اللهِ كَيفَ تَكُونُ؟! بالتَّعَلُّمِ، بتَعَلُّمِ عِلْمِ الدِّينِ، لا عُذرَ لِلجَاهِلِ.
أَكثَرُ النَّاسِ اليَوْمَ لا يُؤدُّونَ حُقُوقَ الأَوْلادِ. حُقُوقُ الأَولادِ ليْسَ الإطْعَام والكِسْوَة وتَهْيِئَة المَنَامَةِ وَنحْو ذلكَ فَقطْ بَلْ حَقُّ الأوْلادِ عَلَىْ الآبَاءِ تَعْلِيمُهُم العَقِيْدَةَ، عَقِيْدَةَ أَهْلِ السُنَّةِ، وَيَتْبَعُهُ الإِطعَامُ وَالكِسْوَةُ وَنَحْوُ ذلك. هَذَا الحَقُّ الأَعْظَمُ لِلأَوْلادِ عَلَى الوَالِدَيْنِ.
طُوبَـى لِمَن شَغَلَهُ عَيبُـهُ عَن عُيـوبِ النَّاسِ. الْمُـؤمِـنُ يُهَذِّبُ نفسَهُ قبلَ أَن يَشتَغِلَ بالتَّنقِيبِ عَـن عُيُـوبِ غَيـرِهِ.
بعضُ الناسِ يقولونَ بِمجردِ الزُهدِ يَصِلُ الإنسانُ إلى العلمِ هذا جهلٌ. يقولُونَ ليس شرطًا أن يتعلمَ العلمَ. قال بعضُهم: "مَن زَهِدَ في الدنيا علَّمَهُ اللهُ بلا تَعَلُّمٍ" هذا جهلٌ. الزُهد كيفَ يُمكِنُ بلا علمٍ؟ ما معنى الزهدِ؟ الزهدُ تركُ الأشياءِ التي هي مباحةٌ. الذي لا يَعرِفُ الحَلالَ والحَرَامَ كيفَ يَزهَدُ؟ على زعمِهِم التَقوَى صورةُ الصلاةِ والصيامِ والحجِ، يَظنُونَ أنَّ هذا يكفِي للعِلمِ اللدُنِي. مَن لَم يتعلمِ الحلالَ والحرامَ من الْمأكولِ والمشروبِ وما تَهوَاهُ النفسُ كيفَ يزهدُ؟ لا يصحُّ زُهدُهُ. لِقطعِ الطريقِ يقولُونَ:"نحنُ أهلُ الباطنِ وأنتُم أهلُ الظاهرِ لا نَتَّفِقُ".
الغضبُ ليسَ عُذرًا. إِذَا وَاحِدٌ غَضبَانُ سَبَّ لَهُ أبَاهُ أو أمَّهُ هَل يَقُولُ هذا معذورٌ؟! أكثرُ النَّاسِ كيفَ يَضرِبُ بَعضُهُم ظُلمًا ويَقتُلُ بَعضُهُم ظُلمًا، أليسَ بِسَبَبِ الغَضَبِ؟! هَل يَكُونُ عُذرًا؟! اللهُ أَمَرَنَا بِأَن نُنكِرَ الْمُنكَرَ، هَذهِ صفةُ أمةِ محمدٍ. والذينَ كانُوا قَبلَنَا لَمَّا تَركُوا إنكارَ الْمنكرِ اللهُ انتَقَمَ منهُم في الدنيَا. نَحنُ مأمورونَ بأن نُنكِرَ على من يقومُ بالكفرِ والْمعاصِي. قولُوا لِهؤلاءِ: العلماءُ منذُ مئاتِ السنينَ، علماءُ الْمذاهبِ الأربعةِ عَمِلُوا كُتُبًا مَن قالَ كذا كَفَرَ، مَنْ قَالَ كَذَا كَفَرَ، ليسَ شيئًا جَدِيدًا لكنْ عليكُم جَدِيدٌ.
كثرةُ الأكلِ ليسَ مرغوبًا في الشرعِ، كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يأخذُ الطعامَ بثلاثة أصابعَ فقط وبِهذا يكونُ مـا يَحمِلُهُ مِن الطعامِ بِها قليلاً.
كُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانًا مُتَنَاصِحِينَ كَمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ، وَلْيَتَفَقَّدْ بَعضُكُم بَعضًا، بِهذا تَقوَى الدَّعوَةُ وبِـهَذَا يَقْـوَى تَـآلُفُ القُلُوبِ
الوَقـتُ أَغلَى مِنَ الذَّهَبِ إِن لَم تَصرِفْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ذهب.
أُوصِيكُم بِالْحِـلمِ والتَّوَاضُـعِ. أَنْ يَتَوَاضَعَ الْمُعَلِّمُ لِمَن يُعَـلِّمُ والْمُتَعَلِّمُ يَـتَوَاضَعُ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ
أُوصِيكُم بحفظِ اللسانِ. الرسولُ عليهِ السلامُ أَكَّدَ على أمتِهِ حِفظَ اللسانِ، فإنَّ أكثرَ المعاصِي من اللسانِ فقَلِّلُوا الكلامَ. قبلَ أن تتكلَمُوا فَكِّرُوا، هذا الكلامُ ما معناهُ؟ إلى ماذا يؤدِي؟ فإنْ كانَ يؤدِي إلى شرٍّ ليتركْهُ لا يَقُلْهُ. كثيرٌ مِنَ الأشخاصِ بسببِ كثرةِ الكلامِ أحدُهُم يَقَعُ في الكفريةِ ثُم يسألُ. عندَ الفَرَحِ ليحفظِ الشخصُ نفسَهُ وعندَ الضيقِ ليحفظْ نفسَهُ، ليفكرْ في كلامِهِ إلى أينَ يؤدِي؟ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ يتكلمُونَ بكلامٍ كُفرٍ ثُمَّ لاَ يَظُـنُّون أنهم تكلموا بعكس الشريعة، هؤلاءِ يَموتُونَ على الكفرِ إن استَمَرُّوا على هذا. ءَافَاتُ اللسانِ كثيرةٌ.
الشَّخصُ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّمْ عِلْمَ الدِّينِ لاَ يَكْفِيهِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ عَالِمًا أَو جَدَّهُ كَانَ وَلِيًّا، لاَ بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ بِنَفسِهِ.
حِفظُ اللسانِ فيهِ خَيرٌ كَثيرٌ وفيهِ سَلامةٌ وفيهِ نجاةٌ مِن شَرٍّ كثيرٍ لكنَّ الناسَ اليومَ تَعَوَّدُوا كثرةَ الكلامِ الذي لا خَيرَ فيهِ حتَّى صارَ بعضُ الناسِ إذا رَأَوْا مَن حَضَرَ مَجلِسًا ومَا تَكَلَّمَ فِيهِ يَقُولُونَ "هَذَا غبِيّ" مِن شِدَّةِ الجَهـلِ، لا يَقولُونَ الصمتُ حَسَنٌ شَرعًا فيَتَكَلَّفُ الشخصُ أن يتكلمَ ثُمَّ يـقع بِمَا يَضرُّهُ.
الصَّمتُ فِيهِ نَجَاةٌ. الصَّمتُ فِيهِ نَجَاةٌ.الصَّمتُ فِيهِ نَجَاةٌ.
الْخَيْرُ في تَعَلُّمِ العِلمِ لا سِيمَا عِـلْم التَوحِيدِ وَتَجَنُب الكُفْرِ
العفوُ عندَ اللهِ عِزٌّ ليسَ ذلاً، مهمَا كانت الجريمةُ العفوُ عندَ اللهِ رِفعةٌ. أنتُم الرابحونَ إن غلبتُمُوهُ بالعفوِ. اتباعُ العاداتِ التي تخالفُ الشرعَ لا خيرَ فيهَا، خَسَارَةٌ. العفوُ شيمةُ الصالحينَ. الأنبياءُ والأولياءُ هذهِ شيمتُهُم. تَوَاصَوْا فيمَا بينَكُم واعمَلُوا فيمَا خيرٌ لكُم عندَ اللهِ. هو الإنسانُ إِذَا لَم يُبَرِّئ ذمتَهُ في الدنيَا الخصومةُ هنَاكُ أَشَدُّ. يظهرُ الحقُّ ذاكَ اليوم فيَقتَصُّ المظلومُ من الظالِمِ قالَ تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ الخصومةُ هناكَ يظهَرُ فيهَا الحقُّ على التمامِ.
مُجَاهَـدَةُ الـنَّفسِ وَاجِبَـةٌ بتَركِهَـا الْمُحَرَّمَاتِ وإِلزَامِها الوَاجِبَاتِ.
فيمَا مَضَى بعد مائتَي سنةٍ من الهجرةِ بعضُ رؤساءِ المسلمينَ أَلزَمُوا الناسَ أن يقولُوا "القرءانُ مخلوقٌ" ومرادُهُم هذهِ الحروف، وهذا لا يجوزُ لأنَّ القرءانَ عبارةٌ عن كلامِ اللهِ الأزليِّ الأبديِّ. كيفَ يقالُ مخلوقٌ ؟! مع أن هذهِ الحروفَ مخلوقةٌ لكنِ القرءانُ بِما أنَّهُ عبارةٌ عن الكلامِ الأزلي لا يقالُ مخلوقٌ. ففِي زمنِ الدولةِ العباسيةِ بعضُ الخلفاءِ أَلزَمُوا الناسَ أن يقولُوا: "القرءانُ مخلوقُ"، بعضُهم قالُوا وبعضُهُم أَبَوْا. الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَبَى أن يقولَ "القرءانُ مخلوقٌ" فسُلِّطَ عليهِ مائةٌ وخمسونَ جلادًا في ليلةٍ واحدةٍ فصبرَ.
وكذلكَ عالِمٌ كبيرٌ اسمُهُ أحمدُ بنُ نصرٍ الخُزَاعِيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَبَى أن يقولَ "القرءانُ مخلوقٌ" فقُطِعَ رأسُهُ وعُلِّقَ عَلَى رُمحٍ ووُكِّلَ بهِ ـ أي للرأسِ ـ مَن يَصرِفُهُ عن القبلةِ من شدةِ الظلمِ. ثم هذا الرأسُ صارَ يقرأُ سورةَ "يس" بالعباراتِ الصحيحةِ، كرامةً لهُ اللهُ أنطقَ الرأسَ بالقراءةِ. ثم في الليلِ لَمَّا هؤلاءِ الحرسُ يغفلونَ عنهُ يتوجَهُ الرأسُ إلى القبلةِ وهو مشكوكٌ بالرمحِ. ثم بعدَ ذلكَ دفنوهُ. كانَ قُتِلَ لأنَّهُ أَبَى أن يقولَ: "القرءانُ مخلوقٌ". اللهُ أظهرَ لهُ هذهِ الكرامةَ، رأسُهُ الْمفصولُ عن الجسدِ الْمعلقُ بِرُمحٍ صارَ يقرأُ سورةَ "يس". في بغدادَ حصلَ هذا قبلَ ألف ومائة سنة، قتلَهُ أحدُ الْموكلِينَ. هؤلاءِ الرؤساءُ ضرُّوا الناسَ كانُوا يُلزِمُونَ الناسَ أن يقولُوا "القرءانُ مخلوقٌ"، عَذَّبُوا عددًا مِنَ العلماءِ فصبَرُوا وبعضُهُم ما صَبَرُوا طَاوَعُوهُم. لكن نَحنُ اعتقادُنَا أنَّ القرءانَ الذي يُقرَأُ بالصوتِ مخلوقٌ للهِ، اللهُ خَلَقَهُ أَمَّا ذاكَ القرءانُ الذي هو كلامٌ أزليٌ لَيسَ حرفًا ليس صوتًا فنعتقد أنَّهُ قديمٌ أزليٌ ليسَ مَخلُوقًا. اهـ
في هذا العَصْرِ مِنْ أَفضَلِ الأَعمَالِ إِنقَاذُ النَّاسِ مِنَ الكُفْرِ
كثير من النَّاسُ مِنْ جَهْلِهِم يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُسلِمُونَ، وهُم كُفارٌ
العِنَايةُ بالتَّوحيدِ في هذا الزَمَنِ مِنْ أَفضَلِ الأَعمالِ
الاشتِغَالُ بتَعلِيمِ عِلمِ التَّوحِيدِ وتَعَلُّمِهِ مِنْ أَفضلِ الأعمالِ.
الاستبدادُ يَضُّرُ صاحبَهُ ويَضُّرُ غيرَهُ، الاستبداد معناه أن لا يرضى الشخصُ اتّباع رأي غيره ولو كان موافقًا للحقّ ويريد أن يَتبَعَهُ الناس ولو كان على غير الصواب. قال عمر رضي الله عنه: "ما ترك الحقّ صاحبًا لِعُمَر" معناه أنا الحقّ صديقي، أينما كان الحقّ أنا أتبعه. أحقّ الناس أن يّتَّبَعَ من عَلِمَ الحقَّ وعَمِلَ به العالمُ العامِلُ والمُتَعَلِّمُ العاملُ.
إِنَّ مِمَّا يَحفَظُ الإنسانَ مِن كثيرٍ مِنَ الكُفرِ والمَعَاصِي إِطالَةَ الصمتِ؛ لأَنَّ أَكثَرَ الكُفرِ وأَكثَرَ المَعَاصِي مِنَ اللسانِ، فمَنْ أَكثَرَ الكَلاَمَ يَقَعُ إِمَّا فِي الغَلَطِ أَو فِي الكُفرِ أو فِي المَعَاصِي. فعَلَيكُم بإِطَالَةِ الصَّمتِ، الرسولُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُطِيلُ الصَّمتَ وقَالَ صلى الله عليه وسلم:"مَن صَمَتَ نَجَا". فَتَوَاصَوا بإِطَالَةِ الصَمتِ وانْهَوا أنفسَكُم عَن كثرةِ الكَلامِ تَأَسِّيًا برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. السلامةُ في إِطَالَةِ الصمت والهَلاَكُ فِي تَركِهِ.
هِي أَقوَى رَابِطَةٍ بينَ المؤمنينَ لا تُوَازِي رَوَابِطَ أخرَى، فَمِنْ هُنَا يَكونُ مُتَحَتِّمًا عَلَينَا أَنْ نَتَحَابَّ ونَتَوَاصَلَ ونَتَزَاوَرَ وَنَتَنَاصَحَ.