وَرَدَ فِي الحَدِيثِ: "مَنْ قَرَأَ ءَايَةَ الكُرسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكتُوبَةٍ لَم يَمنَعْهُ مِن دُخُولِ الجَنَّةِ إِلا الْمَوتُ" مَعناهُ أنَّ رُوحَهُ عندمَا يَمُوتُ تُرفَعُ إِلَى الجَنَّةِ ثُمَّ تُعَادُ إِلَى الجَسَدِ.
قَاْلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْـه وسَلَّمَ: "أَرْحَامَكُمْ أَرْحَامَكُمْ" مَعْنَاهُ صِلُوهُمْ، هَذَا تَأْكِيدٌ.
فِي ابنِ حبانَ أنَّ الكتبَ المُنَزَّلَةَ عَلَى شِيثٍ خَمسُونَ، وعَلَى إِدريسَ ثَلاَثُونَ، وإِبرَاهِيمَ عَشرةٌ، ومُوسَى أحدَ عَشَرَ، ودَاوُدَ واحدٌ، وعِيسَى واحدٌ، ومُحَمَّدٌ وَاحِدٌ.
في الحَدِيثِ: "إذَا أَحَبَّ أَحَدُكُم أخَاهُ فليُعْلمه" معناه لِيَقُلْ لُهُ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ.
قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابنِ ءادمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدركَ ذلكَ لا مَحَالَةَ فالعينُ تَزنِي وزِنَاهَا النظرُ واليَدُ تَزنِي وزِنَاهَا اللمسُ والرِّجلُ تَزنِي وزِنَاهَا الخُطَى واللسانُ يَزنِي وزِنَاه الْمَنطِقُ والفَمُ يَزنِي وزِنَاهُ القُبَلُ والنفس تَمَنَّى وتَشتَهِي والفَرجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَو يكذبُهُ". النظرُ بشهوةٍ أي بتلذذٍ للأَجنبيةِ حرامٌ، وتَكلِيمُهَا ليَتلذذَ بِهذا الكلامِ حرامٌ، ولَمسُهَا بِدونِ حائلٍ أيضًا حرامٌ. أَغلبُ البشرِ لا يَسْلَمُونَ مِن هذا، وأكثرُ هذا كلِّهِ النظرُ، زِنَا العَينِ. بَعضُ النَّاسِ يُكَلِّمُونَ خَطِيبَتَهُم قبلَ العقدِ بشهوةٍ، بتَكلِيمِهَا يَتَلَذَّذُونَ هذا أيضًا حَرَامٌ. لكنْ كلُّ هَذَا من الصغائرِ. إِذَا تَوَضَّأَ الشَّخصُ وُضُوءًا شَرعِيًّا مَعنَاهُ الفَرضُ مَعَ السُنَّةِ تَذهَبُ مَعَاصِي العَينِ مَعَ الْماءِ تَنـزِلُ. عندما يَغسِلُ وَجهَهُ مَع هذا الْماءِ تَنـزِلُ مَعَاصِي العِينِ.
قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أكيسُ الناسِ أكثرُهُم استعدادًا للموتِ" معناهُ الإكثارُ مِن ذِكرِ الآخرةِ، هذا يكونُ من عُلُوِّ الْهمةِ لأنَّهُ يُخَفِّفُ عليهِ انشغالَ القلبِ بالدنيَا وملذاتِهَا، وهذا يُعِينُ على الإكثارِ مِن عَمَلِ الآخرةِ بالعِلمِ والعَمَلِ. وأفضلُ ذُخرٍ للآخِرَةِ العلمُ، وأَفضلُ العلمِ العلمُ باللهِ ورسولِهِ محمدٍ. فمَن عَرَفَ اللهَ وءامَنَ بنبيهِ محمدٍ فهُو مسلمٌ لاَ بُدَّ أن يَدخُلَ الجنةَ إنْ تَجَنَّبَ الكُفرِيَاتِ. قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: "أَكيَسُ النَّاسِ أَكثَرُهُم استِعدَادًا لِلمَوتِ".
وَصَلنَا إِلَى الزَّمَانِ الذِي قالَ فيهِ الرَسُولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم: "ويقلّ العلم" أي علمُ الدِّينِ
قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم: "لَن تَدخُلُوا الجنةَ حتَّى تُؤمِنُوا ولا تُؤمِنُوا حتَّى تَحابوا" معناهُ الإيمانُ شرطٌ لدخولِ الجنةِ ولاَ يَكمُلُ الإيمانُ إِلاَّ بالتَحَابِ فِي اللهِ.
علم الدِّينِ بالتَعَلُّمِ من أهلِ المعرفةِ والعدالةِ لقولِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إنَّمَا العِلْمُ بالتَعَلُّمِ". عِلْمُ الدِّينِ يُؤخَذُ بالتَّسَلْسُلِ مِن عَالِمٍ إلى عَالِمٍ إلى عَالِمٍ حتى يَنْتَهِيَ بالتَسَلْسُلِ إلى الصَحَابةِ. عِلْمُهُم بالتَّسَلْسُلِ. عِلْمُ الدِّينِ ليسَ بالمُطَالَعَةِ.
فاغتَنِمُوا هذهِ الفُرصَةَ أَنتُم الآنَ فِي سِنِّ الشَّبَابِ فاغتَنِمُوا هذهِ الفُرصَةَ. قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم: "اغتَنِمُوا خَمسًا قَبلَ خَمسٍ" هذا الحديثُ فيهِ "وشبابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ" الإنسانُ يعجزُ في الهَرَمِ عَمَّا كَانَ يَستَطِيعُهُ فِي شَبَابِهِ من أعمالِ البِرِّ. فمَن اغتَنَمَ شبَابَهُ لا يَندَمُ إِذَا جَاءَهُ الهَرَمُ. لَكن الكَسَلُ دَاءٌ، الشَّابُ إِذَا استَولَى عليهِ الكَسَلُ فَاتَتْهُ الفُرصَةُ. الكَسَلُ استعاذَ منهُ الرَّسُولُ، مِن جُملَةِ دُعَاءِ الرَّسُولِ "أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجزِ والكَسَلِ".
رَوَى البَيهَقِيُّ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "خيرُ النَّاسِ مَن تَعَلَّمَ وعَلَّمَ" أي عِلمَ الدِينِ لأنَّ علمَ الدينِ هو العلمُ النافعُ في الدنيَا والآخرةِ. فَعَلَيكُم بالاستمرارِ فِي التَعَلُّمِ والتَعليمِ لأَهَالِيكُم وأَصدِقَائِكُم لأَنَّ كثيرًا مِنَ النَّاسِ اليومَ يَشِبُّونَ ويَشِيخُونَ وهُم جَاهِلُونَ بالعقيدةِ، يظنُونَ أنَّ اللهَ جسمٌ قاعدٌ على العرشِ وهذا كُفرٌ. الإمامُ الشافعِيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: "مَن اعتَقَدَ أَنَّ اللهَ جِسمٌ قَاعِدٌ عَلَى العَرشِ كَافِرٌ". عَلِّمُوا أَهَالِيَكُم وأَصحَابَكُم. اليوم أكثرُ الناسِ يَعِيشُونَ مِن دُونِ أَن يَتَعَلَّمُوا عِلمَ الدِينِ، مِن دُونِ أن يَتَعَلَّمُوا علمَ التَوحيدِ الذي هُو أَساسُ الدِينِ. اللهُ لاَ يَقبَلُ صَلاةً ولا صِيامًا ولا حَجًا ولا قراءةَ قرءانٍ إلا مِمَّن عَرَفَ اللهَ.
عليكُم بالثباتِ على طلبِ العلمِ. وَرَدَ عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ ِوسلَّم أنهُ قالَ: "لاَ يشبعُ مُؤمِنٌ مِن خيرٍ يَسمعُهُ حتى يكونَ منتهاهُ الجنة" معناهُ المؤمِنُ ينبغِي أن لا يشبعَ من العلمِ. لا ينبغِي أنْ يَقُولَ أنَا تعلَّمتُ كذَا وكذَا ويَترُك طَلَبَ المزيدِ. ثُمَّ علمُ الدينِ يؤخذُ من أفواهِ العلماءِ ليسَ بِمطالعةِ الكتبِ كمَا يفعلُ كثيرٌ من أهلِ هذا الزمنِ. علومُ الدنيَا يتلقونَهَا من أفواه العارفينَ بِها. وعلمُ الدينِ أولَى بأنْ يُؤخَذَ من أفواهِ العلماءِ للأَمنِ من الغَلَطِ والتحريفِ. باركَ اللهُ بِكُم.
اهتَمُّوا وزِيدُوا اهتِمَامًا وعنايةً بعلمِ الدينِ. المتعبدُ بلا علمٍ فهو على خَطَرٍ الْمتعبدُ بلا علمٍ فهو على خَطَرٍ كبيرٍ، لا يَعرِفُ صلاتَهُ صحيحةً أم لا، ولا حَجَّهُ ولا زكاتَهُ ولا صيامَهُ صحيحًا أم لا. عَمَلٌ قليلٌ مع معرفةٍ بالعلمِ خيرٌ من كثيرٍ مع الجهلِ.
ثم أطلبُ منكُم أن تتواصلُوا وتتزاوَرُوا وتتحابُوا. إذا غابَ أحدُكُم مدةً تَفَقَّدُوهُ لأنَّهُ قد يكونُ حَصَلَ لهُ شبهةٌ بأن لَقِيَ شخصًا من هؤلاءِ الفاسدينَ وأثَّرَ فيهِ فإذَا تَفَقَّدَ بعضُكُم بَعضًا فيعالِج في كَشفِ الشُّبهةِ التي أثَّرَتْ فيهِ.
الصحابةُ كانُوا يأكلُونَ في القَصعَةِ، ما كانَ عندَهُم صُحُونٌ. كانَ عندَهُم قصعةٌ من خشبٍ سَمِيك يَنحِتُونَهَا فيَأكُلُونَ فيهَا. كانَ عندَهُم كبيرٌ وصغيرٌ. كانُوا يَضعُونَ الكبيرَ في الولائمِ. هذهِ القَصعَةُ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ تَستَغفِرُ لِلاَعِقِهَا. لَو شَاءَ اللهُ لَهُم أنْ يَسمَعُوا لَسَمِعُوا استغفارَ القَصعَةِ لِلاَعِقِهَا.
رَوى الطبرانِيُّ عن النبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال: "أَوَّل ما يُحَاسَبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاة، فإنْ صَلحَتْ صَلحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وإِنْ فسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ" معناهُ الذي لا يُصلِحُ صَلاَتَهُ دَخَلَ الفَسَادُ إلى سائرِ أعمالِهِ. مَن كَانَتْ صَلاتُهُ صحيحةً مقبولةً سائرُ أَعمالِهِ تكونُ صحيحةً مقبولةً على التَمَامِ، وأمَّا مَنْ كَانَتْ صلاتُهُ غيرَ صحيحةٍ يَدخُلُ الخَللُ إلى سائرِ أعمالِه. وليسَ معناهُ أَنَّهُ ليس لَهُ ثوابٌ في أعمالِه. مَنْ تَصَدَّقَ وكَانَ تَارِكًا للصَّلاةِ لا تُكتَبُ لَهُ كاملةً كالذي يُقِيمُ الصَّلاةَ.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزبيرِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ إذا سَلَّمَ في دُبُرِ الصلواتِ يَقولُ: "لا إِلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قديرٌ لا حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ أهلُ النِّعْمَةِ والفَضْلِ والثَّنَاءِ الحسَنِ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُوْنَ" اللفظُ لأَحمدَ.
عَن عُقبَةَ بنِ عَامِرٍ قَالَ: "أمرنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أَن أَقرَأَ بالْمُعَوِّذَات دُبُرَ الصَّلاَةِ" رَوَاهُ أَحمَدُ، والمُعَوِّذَاتُ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.
مَنْ مَرِضَ استُحِبَّ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ عليهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ امرأَةً قالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ ادعُ اللهَ أَنْ يَشفِيَنِي، فقالَ: "إنْ شِئْتِ دَعَوتُ اللهَ فشَفَاكِ وإِنْ شِئْتِ فاصبِرِي ولا حِسَابَ عليكِ" فقَالَتْ: "أَصبِرُ ولا حِسَابَ عَلَيَّ". أخرجَهُ ابنُ حِبَّانَ والبَزَّارُ والحَاكِمُ.
عَنْ عُمَرَ أنَّ النبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ بعَثَ بعثًا قِبَل نَجْدٍ فَغَنِمُوا غَنَائِمَ كثيرةً وأَسرعوا الرَّجعَةَ فقَالَ رَجُلٌ مِنَّا لَم يَخرُجْ مَا رَأَينا بعثًا أَسرَعَ رجعةً ولا أَفْضَلَ غَنِيمَةً مِنْ هذا البَعْثِ فقَالَ النبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: "أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى قَوْمٍ أَفْضَلَ غَنِيمَةً وأَسْرَعَ رَجعَةً قَوْمٌ شَهِدُوا صَلاةَ الصبحِ ثُمَّ جَلَسُوا يذكُرُونَ اللهَ حَتَّى طَلَعَتِ الشمْسُ أُولئِكَ أَسْرَعُ رجعةً وأَفضلُ غنيمةً" رَوَاهُ الترمذيُّ.
عَنْ أَبِي أُمامةَ أَنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قَالَ: "لأَنْ أَقْعُدَ أَذْكُرُ اللهَ وأُكَبِّرُهُ وأَحْمَدُهُ وأُسَبِّحُهُ وأُهَلِّلُهُ حَتَّى تَطْلعَ الشمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ منْ أَنْ أُعْتِقَ رَقَبَتَينِ مِنْ وَلَدِ إِسـمَاعِيلَ ولأَنْ أَقعُدَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أربعَ رَقَبَاتٍ مِنْ وَلَدِ إِسـمَاعِيلَ" رَوَاهُ أَحمدُ بإسنادٍ حَسَنٍ.
عَن مُعاذٍ أَنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ يَومًا ثُمَّ قَالَ: "يا مُعاذُ واللهِ إنّي لأُحِبُّكَ" فقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ وأَنَا أُحِبُّكَ، قَالَ: "أُوصيكَ يا مُعَاذُ أَنْ لا تدعنّ في دُبُرِ كُلّ صَلاةٍ أَنْ تقولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلى ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبَادَتِكَ" رَواهُ أبو داودَ.
صَحَّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال: "إنَّ مِنَ الصالِحينَ مَنْ فَرَحُهُم بالبَلاءِ أَشدُّ من فَرَحِ النَّاسِ بالعَطَاءِ" من شدةِ ما تَمَكَّنَ في نفوسِهِم الرِضَا عن اللهِ يَفرحُونَ بالبلاءِ أكثرَ من فَرَحِ الناسِ بالعطاءِ؛ لأنَّ هؤلاء من الذين قال اللهُ فيهم: ﴿رَضِيَ اللهُ عنهُم ورَضُوا عنهُ﴾ معناهُ يُسَلِّمونَ للهِ تَسلِيمًا كامِلاً، مهمَا أصابَهُم مِنَ المصائبِ فإنَّهُم لا يَخرجُونَ عن الرضَا عن الله، الرضَا عن اللهِ مرتبةٌ عاليةٌ لا يَصِلُ إليهَا إلا القليلُ من عبادِهِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ". حَديثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الترمِذيُّ وَغَيْرُهُ. من عَلامةِ قُوَّةِ الرَّجُلِ فِي دينِهِ أَنْ يَتْرُكَ ما لا فائدةَ فيهِ من كلامٍ وغيرِ ذلك. روى ابنُ حِبَّانَ أَنَّ فِي صُحُفِ إِبرَاهِيمَ عليه السلامُ على المَرءِ العَاقِلِ أَنْ لا يَشتَغِلَ إلا بِمَا يَعنِيهِ.
إياكُم والترفع عليكُم بالتواضعِ، التواضعُ أفضلُ العبادةِ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكُم لَتَغفُلُونَ عن أفضلِ العبادةِ التواضع". لولا تَوَاضَعَ الأنبياءُ، مِن أينَ يستفيدُ منهم البشرُ هذهِ الفائدةَ التِي هِي السعادةُ الأبديةُ؟! يُسَبُّون فيُقَابِلُونَ الإساءَةَ والإهانةَ بالإحسانِ، هذا بتَوَاضُعِهِم.
وَرَدَ فِي الحديثِ أنَّ المؤمِنَ إذَا خرجَ لزيارةِ أخيهِ المؤمنِ يقولُ لَهُ مَلَكٌ من ملائكةِ الرحمةِ هو لا يَسمعُهُ وقد يَسمَعُهُ: طِبتَ وطَابَ مَمْشَاكَ أو بَوَّأَكَ اللهُ نُزُلاً في الجنةِ. معناهُ مَشَيتَ لِخيرٍ عظيمٍ ولكَ في الجنةِ بيتٌ. وَوَرَدَ فِي الحديثِ القدسِيِّ: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي للمُتَحَابِّينَ فِيَّ ووَجَبَتْ مَحَبَّتِي للمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ ووَجَبَتْ مَحَبَّتِي للمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ ووَجَبَتْ مَحَبَّتِي للمتباذلين فِيَّ ووَجَبَتْ مَحَبَّتِي للمُتَنَاصِحِينَ فِيَّ". التواصلُ بالزيارةِ فيهِ خيرٌ عظيمٌ.
عَنْ قَبِيصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "يا قَبِيصَةُ إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبحَ فَقُلْ ثلاثًا سُبْحانَ اللهِ العظيمِ وبِحَمْدِهِ تَعَافَى مِنَ العَمَى والجُذَامِ والفَالِجِ" رواهُ أَحمدُ.
رَوَى البخارِيُّ ومُسلمٌ أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ نَزَلَتْ عليهِ ءايةُ ﴿وأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقرَبِينَ﴾ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفَا، فَصَعِدَ عَلَيْهِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ بَيْنَ رَجُلٍ يَجِيءُ وَرَجُلٍ يَبْعَثُ رَسُولَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي لُؤَيٍّ، يَا بَنِي فُلانٍ، لَوْ أَنِّي أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِسَفْحِ الْجَبَلِ تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ صَدَّقْتُمُونِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"، قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهذا جَمَعْتَنا؟! ـ"تبًّا لك" معناهُ أنتَ خَاسِرٌ هالكٌ ـ سَبَّ الرسولَ ولَم يَسُبَّهُ أَحدٌ غيرُهُ من أقربائِهِ الذينَ جَمَعَهُم. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هذهِ السورةَ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾
عَنْ ثوبانَ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاتِهِ استغفرَ ثلاثًا وقالَ: "اللَّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ ومِنكَ السَّلاَمُ تبَارَكْتَ يا ذَا الجَلالِ والإِكْرَامِ". رواهُ مسلمٌ.
عَنْ وِردانَ قَالَ كَتَبَ الْمغيرةُ إلى معاويةَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلمَ كانَ إذاَ فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وسَلَّمَ قَالَ: "لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أَعْطَيْتَ ولا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدّ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عَنْ سَهْلِ بنِ معاذٍ عَنْ أبيهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَعَدَ في مُصَلاَّهُ حينَ يَنصرفُ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ حتَّى يُسبِّحَ رَكْعتَي الضُّحَى لا يَقُولُ إلاَّ خَيرًا غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ وإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحرِ" رَوَاهُ أَحمدُ وأبَو داودَ.
قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "لا يَشبَعُ مُؤمِنٌ مِن خَيرٍ يَسمَعُهُ حتَّى يَكُونَ مُنتَهَاهُ الجَنة" وفِي لَفظٍ لِهذا الحديثِ: "لا يَشبَعُ مُؤمِنٌ مِن خَيرٍ حتَّى يَكُونَ منتهاهُ الجنة" روايتَانِ، الروايةُ الأولَى فيهَا كلمةُ يَسمَعُهُ "من خيرٍ يسمعُهُ" والثانيةُ ليس فيها كلمةُ "يسمعُهُ" والروايةُ الثانيةُ معناهَا يَشمَلُ لِمعنَى الروايةِ الأولى لكنَّهُ أَعَمُّ لأنَّ معنَى هذهِ الروايةِ أنَّ المؤمنَ لا يَشبَعُ من الخيرِ بالمعنَى الشاملِ للعِلمِ الذي يَسمعُهُ ولغيرِ ذلكَ من أنواعِ الخيرِ، وكلتَا الروايتينِ فيهَا حثٌّ وحَضٌّ أكيدٌ بالغٌ على اكتسابِ الخيرِ إنْ كانَ اكتسابُ علمٍ شرعيٍ الذي هو سبيلٌ للجنةِ وإنْ كانَ عَمَلاً مِنَ الأَعمالِ الصالِحَةِ.
عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ؟ قَالَ: "نَعَم كثيرًا، كَانَ لا يقومُ مِنْ مُصَلاهُ الذِي يُصَلِّي الصُّبحَ حَتَّى تَطلعَ الشمْسُ فإذَا طَلَعَتِ الشمْسُ قَامَ وكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فيَأخُذُونَ فِي أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ فيَضحَكُونَ ويَتبسَّمُ" رواهُ مسلمٌ.
عَنْ أَبِي هُريرَةَ عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ "مَنْ سَبَّحَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَـلاثًا وثَلاثِينَ وحَمِدَ اللهَ ثَلاَثًا وثَلاَثِينَ وكَبَّرَ اللهَ ثلاثًا وثلاثينَ فَتِلْكَ تِسعَةٌ وتِسعُونَ وقَالَ تَمامَ الْمِائةِ: لا إِلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وإِنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.