من علّم شخصاً علم الدين فصار المُتعلّم يُعَلِّمُهُ، أو علَّمَهُ شيئًا لم يكن يَعرِفُه كأحكام الصلاة أو الصيام فصار يصلي ويصوم، للذي عَلّمَه ثوابٌ.
أخْلِصُوا النِّيَةَ للهِ. اللهُ تَعَالَى لاْ يَقْبَلُ عَمَلاً إلاَّ مَاْ كَانَ خَالِصًا لَهُ. أَخْلِصُوْا النيَّةَ للهِ وتَوَاضعُوا. كُلٌ مِنْكُم يَتَوَاضَعُ ويُعَامِلُ أخَاهُ بِمَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِه. لا يَذهَبْ أَحَدُكُمْ مَذْهَبَ الاسْتِبْدَادِ والتَّرَفُعِ هَذَا خَرَابٌ، هَذَا لا يُنَاسِبُ الدَّعوَة إلى اللهِ. الدَعوةُ إلى اللهِ تحتاجُ إلى التَّواضُعِ والتَّوَافُقِ والتَّحَابِ. اسْلُكُوا هذا الْمَسْلَك حَتّى تَنْجَحُوا في عَمَلِ الدَّعْوَةِ.
حُبُّ العلمِ، حُبُّ علمِ الدينِ علامةُ الخيرِ والفلاحِ والنجاحِ. الذي يَتَعَبَّدُ قَبلَ أنْ يَتَعَلَّمَ العقيدةَ والأحكامِ عاقبتُهُ وخيمةٌ، يَظُنُّ بنَفسِهِ أنَّهُ صارَ مِنَ الدَّرَجَاتِ العَالِيَةِ وَهُوَ مِن أَسفَلِ السَّافِلِينَ.
أما بعد فإنَّ العِلمَ حياةُ الإسلامِ عِلمُ الدينِ حياةُ الإسلامِ. إنَّمَا يَهلِكُ الناسُ إذا ذَهَبَ العِلمُ من بينِهِم. تَعَلُّمُ علمِ التوحيدِ بهِ يُعرَفُ اللهُ. ليسَ العبرةُ مُجردَ قولِ لا إلهَ إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ، العبرةُ فهمُ المعنَى. معرفةُ اللهِ لا تكونُ مع تشبيهِهِ بشىءٍ من خَلقِهِ. من اعتقدَ أنَّ اللهَ نورٌ بِمعنَى الضوءِ مَا عَرَفَ اللهَ. مَن اعتقدَ أنَّ اللهَ جسمٌ مَا عَرَفَ اللهَ. مَن اعتَقَدَ أنَّ اللهَ جسمٌ صغيرٌ أو كبيرٌ مَا عَرَفَ اللهَ. الجسمُ منهُ حبةُ الخردلِ ويوجدُ ما هو أَكبَرُ مِن ذلكَ حتَّى ينتَهِيَ إلى العرشِ. اللهُ ما خَلَقَ أَكبَرَ مِنَ العَرشِ. هذهِ الأشياءُ ما خَلَقَتْ نَفسَهَا على هذا الحجمِ. الخردلُ لَيسَتْ هِي خَلَقَتْ نَفسَهَا والعَرشُ كذلكَ مَا خَلَقَ نَفسَهُ.
جَابِرُ بنُ عبد اللهِ الأَنصَارِيُّ رَضيَ اللهُ عنهُ رَحَلَ مَسِيرَةَ شَهرٍ لِيسمَعَ حَدِيثًا بَلَغَهُ أنَّ وَاحِدًا مِن أَصحَابِ رسولِ اللهِ مِثلَهُ سَمِعَهُ. أَرادَ أَن يَسمَعَهُ مِن لَفظِهِ مِن لِسَانِهِ. رَحَلَ مَسِيرَةَ شَهرٍ، تِلكَ الأيام كانُوا يَركَبُونَ البَعِيرَ فَلَمَّا وَصَلَ إِليهِ قَالَ لَهُ: "مَا جِئتُكَ إلاَّ لأَسـمَعَ مِنكَ حَدِيثًا بَلَغَنِي أَنَّكَ تَروِيهِ" فرَوَاهُ لَهُ كَمَا سَمِعَ. إلى هذا الحَدِّ كانُوا يَهتَمُّونَ لِعِلمِ الدِينِ.
بعلمِ الدينِ يَعلَمُ الإنسانُ حقوقَ اللهِ وحقوقَ العبادِ. فِي هذا الوقتِ المدارسُ لا تُعَلِّمُ علمَ الدينِ الذي هو فرضٌ، والآباءُ والأمهاتُ لا يُعَلِّمُونَ أَولادَهُم في البيتِ، يَتركُونَ أَولادَهُم لِهذهِ المدارسِ، وهذهِ المدارسُ لا تُعَلِّمُ. كَم من أُنَاسٍ يَظنُّونَ أَنَّهُم مُسلمونَ وهُم غيرُ مسلمينَ، لِماذَا؟ لأنَّهُم يَعتَقِدُونَ أَنَّ اللهَ يَسكُنُ السماءَ. اللهُ لاَ يُمكِنُنَا أَنْ نَتَصَوَّرَهُ، عقولُنَا لا تستطِيعُ. إنَّمَا نُؤمِنُ بأنهُ موجودٌ لا يشبِهُ شيئًا. عقولُنَا لا تُدرِكُ اللهَ ولا تَتَصَوَّرُهُ ولا تَبلُغُهُ أوهامُنَا، لذلك قالَ أهلُ البَصِيرَةِ مِنَ السلفِ والخلفِ: "مَهمَا تَصَوَّرتَ بِبَالِكَ فهُو خِلافُ ذلك". علِّمُوا أَولاَدَكُم.
النجاة في تعلم علم الدين في تعلُّم العقيدة، في تعلُّم علم أهل السنة أن الله موجود قبل كل شىء ووجوده ليس له ابتداء وأن الله لا يشبه العالَم بوجه من الوجوه ليس متحيزًا في جهة من الجهات. الحجم مهما كان صغيرًا أو كبيرًا يتحيز المكان. أما الله تعالى فليس كذلك. هذا منهج أهل السنة الذي كان عليه الصحابة ومن تبع الصحابة إلى يومنا هذا.