تحفة اللبيب في الرد على من أنكر الاحتفال بمولد الحبيب
الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ
وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَيْسَ كَمَا قيلَ إِنَّ أصلَهُ هُوَ أنَّ أُناسًا كانُوا يَحْتَفِلُونَ بِوفاتِهِ صلى الله عليه وسلم
فَقَدْ ذَكَرَ الْحُفَّاظُ والعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحابِ التَّوارِيخِ وغَيْرِهِم أنَّ أَوَّلَ مَنِ اسْتَحْدَثَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ هُوَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ الَّذي كانَ يَحْكُمُ إِرْبِلَ، وَهُوَ وَرِعٌ، صالِحٌ، عالِمٌ، شُجَاعٌ، ذُو عِنَايَةٍ بِالْجِهَادِ، كانَ من الأَبْطالِ، مَاتَ وَهُوَ يُحَاصِرُ الفِرِنْجَ بِعَكَّا، هُوَ أَوَّلُ مَنْ اسْتَحْدَثَ هَذَا الأَمْرَ، ثُمَّ وافَقَهُ العُلَماءُ والفُقَهاءُ، حَتَّى عُلَمَاءُ غَيْرِ بَلَدِهِ الَّذينَ لا يَحْكُمُهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْحافِظُ السِّيوطِيُّ في كِتابِهِ الأوائِلِ، ولا زالَ الْمُسْلِمونَ على ذَلِكَ مُنْذُ ثَمانِمِائةِ سَنَةٍ حَتَّى الآنَ. فأيُّ أَمرٍ اسْتَحْسَنَهُ عُلَمَاءُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وأَجْمَعوا عَلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَأَيُّ شىءٍ اسْتَقْبَحَهُ عُلَمَاءُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ قَبيحٌ، ومَعْلومٌ أنَّ عُلَمَاءَ الأُمَّةِ لا يَجْتَمِعُونَ على ضَلالَةٍ لِحديثِ "إِنَّ أُمَّتي لا تَجْتَمِعُ على ضَلالةٍ" رَواهُ ابنُ ماجَه في سُنَنِهِ.