رمضان
العبادة في ليلة القدر أفضل من العبادة في ألف شهرِ
يقول الله عزّ وجلّ في القرءان العظيم: ﴿إنّا أنزلناه في ليلةِ القدر . وما أدراك ما ليلةُ القدر . ليلةُ القدر خيرٌ من ألفِ شهر . تَنَزَّلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذن ربّهم من كلِّ أمر. سلامٌ هيَ حتى مطلعِ الفجر﴾.
ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "أنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرءان لأربع وعشرين خلت من رمضان".
فكم هو عظيم شهر رمضان، كم هي عظيمة ليالي رمضان، كم هي عظيمة ليلة القدر العظيمة .
يقول الله تعالى: ﴿إنّا أنزلناه في ليلة القدر﴾. أنزل القرءان جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة وهو بيت في السماء الدنيا في ليلة القدر وهي ليلة الرابع والعشرين من رمضان من تلك السنة.
ثم صار جبريل عليه السلام يُنـزلُه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا فشيئًا على حسب ما يؤمر من الله عزّ وجلّ على حسب الأسباب والحوادث إلى أن تمّ نزوله في نحو عشرين سنة.
﴿وما أدراك ما ليلة القدر﴾ أي وما أعلمك يا محمّد صلى الله عليه وسلم ما ليلة القدر؟ وهذا على سبيل التعظيم والتشويق إلى خبرها وهذا لتعظيم شأنها.
وليلة القدر قد تكون في أي ليلة من ليالي رمضان ولكن الغالب أنها تكون في العشر الأواخر منه. فقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان" رواه مسلم.
والحكمة من إخفائها ليتحقق اجتهاد العباد في ليالي رمضان كلها طمعًا منهم في إدراكها ،كما أخفى الله ساعة الإجابة في الجمعة .
﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ أي أنّ العبادة في ليلة القدر أفضل من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وهي ثمانون سنة وثلاثة أعوام وثلث عام.
﴿تَنَزَّلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر﴾ في ليلة القدر ينْزل جبريل عليه السلام مع جمع كبير من الملائكة فينْزلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة من أرزاق العباد وءاجالهم إلى قابلٍ أي إلى السنة القابلة لأنّ ليلة القدر هي الليلة التي يتم فيها تقسيم القضايا التي تحدث للعالم من تلك الليلة إلى مثلها في العام القابل كما جاء ذلك في الحديث الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة (أي جماعة) من الملائكة يصلّون ويسلّمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عزّ وجل فينْزلون من لَدُن غروب الشمس إلى طلوع الفجر".
والملائكة إخوة الإيمان أجسام نورانية، لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يتناكحون ليسوا ذكورًا ولا إناثًا لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
﴿سلام هي حتى مطلع الفجر﴾ أي أنها خير وبركة إلى طلوع الفجر، فليلة القدر سلام وخير على أولياء الله وأهل طاعته المؤمنين ولا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو أذًى وتلك السلامة تدوم إلى مطلع الفجر.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حثّ أمّته على قيام ليلة القدر قائلاً: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه" رواه البخار ومسلم.
ومن علامات رؤية ليلة القدر رؤية نور خلقه الله غير نور الشمس والقمر والكهرباء ، أو رؤية الأشجار ساجدة . ومن علاماتها طلوع الشمس صبيحتها لطيفة، أو سماع صوت الملائكة ومصافحتهم، أو رؤيتهم على أشكالهم الأصلية ذوي أجنحة مثنى وثلاث ورُباع . فإن تشكّلوا بشكل بني ءادم فإنهم يكونون بصور الذكور من غير ءالة الذكورة لا بصور الإناث.
ومن حصل له رؤية شىء من علامات ليلة القدر يقظة فقد حصل له رؤية ليلة القدر ، ومن رءاها في المنام دلّ ذلك على خير لكنه أقلّ من رؤيتها يقظة، ومن لم يرها منامًا ولا يقظةً واجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها . وقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها إذا رأت ليلة القدر بِمَ تدعو، قال لها: "قولي اللهمّ إنك عفوٌّ تحب العفوَ فاعفُ عنّي".
فهلمّوا إخوة الإيمان للاجتهاد بالطاعة في هذه الليالي العظيمة المباركة المتبقية من رمضان، من قيام وذكر وتلاوة، وأذكّركم من كان عليه قضاء فليشتغل بالقضاء فدَين الله أحقّ بالوفاء.
اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عنّا يا أرحم الراحمين