وقدْ علمْتَ يا بنيَّ أنِّي قدْ صنَّفْتُ مائةَ كتابٍ1 فمنْهَا التفسيرُ الكبيرُ عشرونَ مُجلَّدًا والتاريخ عشرونَ مجلَّدًا وتهذيب الُمسندِ عشرونَ مجلَّدًا وباقي الكتبِ بينَ كبارٍ وصغارٍ يكونُ خمسَ مجلداتٍ ومجلدَيْنِ وثلاثةً وأربعةً وأقلَّ وأكثرَ، كفيتُكَ بهذهِ التصانيفِ عنِ استعارةِ الكتبِ وجمْعِ الِهمَمِ في التأليفِ فعليْكَ بالحفظِ وإنَّما الحفظُ رأسُ المالِ والتصرفُ ربحٌ. واصدُقْ في الحالَينِ في الالتجاءِ إلى الحقِّ سبحانَهُ فراعِ حدودَهُ قالَ الله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾. وإياكَ أنْ تقفَ معَ صورةِ العلمِ دونَ العملِ بهِ فإنَّ الداخلينَ على الأمراءِ والمقبلينَ على أهلِ الدنيا قدْ أعرضُوا عنِ العملِ بالعلْمِ فمُنِعُوا البركةَ والنفعَ بهِ.
---------------------------