وينبغِي أنْ تسموَ همتُكَ إلى الكمالِ فإنَّ خلْقًا وقفُوا معَ الزهْدِ وخلْقًا تشاغلُوا بالعلمِ وندَرَ أقوامٌ جَمعُوا بينَ العلمِ الكاملِ والعملِ الكاملِ. واعلمْ أنِّي قد تصفَّحْتُ التابعينَ ومَنْ بعدهُمْ فما رأيتُ أحظى بالكمالِ مِنْ أربعةِ أنفسٍ سعيدِ بنِ المسيَّب1 والحسنِ البصريِّ2 وسفيانَ الثوريِّ3 وأحمدَ بنِ حنبلٍ4 رضيَ اللـهُ عنهُمْ وقدْ كانُوا رجالاً وإنَّما كانتْ لـهُمْ هممٌ ضعُفَتْ عندَنَا وقدْ كانَ في السلفِ خلْقٌ كثيرٌ لهَمُ هممٌ عاليةٌ. فإذا أردْتَ أنْ تنظُرَ إلى أحوالِهِمْ فانظُرْ في كتابِ صفةِ الصفوةِ إنْ شئتَ تأمل أخبارَ سعيدٍ والحسنِ وسفيانَ وأحمدَ رضيَ اللـهُ عنهُمْ فقدْ جمعْتُ لكلِّ واحدٍ منهُمْ كِتابًا.
---------------------------