الخلق الحسن
الله يُحِبُّ الرِفقَ فِي الأمرِ كلِّهِ
عن أنسٍ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ قالَ: "ما كانَ الرِفقُ في شىءٍ إلا زانَهُ" رواهُ ابنُ حبانَ وفِي لفظٍ ءاخرَ رواهُ مسلمٌ: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِفقَ فِي الأمرِ كلِّهِ". الرفقُ خلافُ العنفِ،الرفقُ هو الأخذُ بطريقِ الحكمةِ فِي الأمرِ والنهيِ، واللهُ عزَّ وجلَّ يحبُّ لعبدِهِ المؤمنِ أنْ يأخذَ بالرفقِ في أمرِهِ كلِّهِ، فِي التعليمِ، في معاملةِ الناسِ، في كلِّ شىءٍ الرفقُ مطلوبٌ. فمن أرادَ أن يكونَ حالُهُ كذلكَ فليَتتَبَّعْ أخلاقَ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتى يكونَ متخلقًا بما يُناسبُ خُلُقَ النبيِّ.
ومِنَ المهمِ أيضًا الرِّفقُ فيمن نُخاطِبُ لإرشادِهِ إلى الحقِّ، لأنَّ الرِّفْقَ وهو استعمالُ الطريقِ التي يُرجى بها قَبُولُ الحقِّ من المخاطبِ. فإذا أمرَ المؤمنُ بمعروفٍ فليكُنْ أَمْرُهُ بطريقِ الرفقِ لا العنفِ؛ لأنَّ كثيرًا من الناسِ إذا أمروا بالمعروفِ بطريقِ الرفقِ يكونُ ذلكَ جالبًا لهم إلى الامتثالِ للمعروف، وأما استعمالُ العنفِ معهم فلا يحصلُ بِهِ المقصودُ في كثيرٍ منَ الأحوالِ. الفسادُ مهما عَظُمَ يُعالجُ بالحكمةِ بالرفقِ؛ لأنَّ الرفقَ يُوصِلُ إلى الأمرِ المقصودِ.
فالواعظُ والناصحُ ينبغي أن يكونَ وعظُهُ ونُصحُهُ برِفْقٍ أي بطريقةٍ تُقَرِّبُ الذي يُوَجَّهُ إليهِ النصحُ. كَم مِنْ أُناسٍ يُؤدي بهمُ النهيُ بطريقِ العنفِ إلى خلافِ المقصودِ، بل مِنَ الناسِ مَن يَكفْرُونَ عنادًا أو يزدادُونَ فسادًا على ما كانوا عليه ولا سيما إذا كانوا من ذوي الجاهِ كالسلطانِ وامرأتِهِ وولاتِهِ وحُكامِهِ أو من ذوي اليسارِ والغنى ولذلكَ أمثلةٌ كثيرةٌ.
منها أنَّهُ كان رجلٌ من ذوي الجاهِ في زمانِ الخليفةِ عمرَ ابنِ الخطابِ فأساءَ الأدبَ مع مسلمٍ في الطوافِ فأُقِيدَ منهُ في الحالِ أي اقتُصَّ منهُ وكانَ هو قريبَ عهدٍ بالإسلامِ وذا جاهٍ وسلطةٍ في بلادِهِ، فَأَنِفَ من ذلكَ وارتدَّ عن الإسلامِ؛ لأنَّهُ لم يتحمَّلْ أن يُقْتَصَّ منهُ مِنْ قِبَلِ شخصٍ من ءاحادِ المسلمينَ ليسَ من ذوي الجاهِ.ومن الرفقِ أنَّكَ إذا أردتَ أنْ تأمرَ زوجتَكَ التي أضاعَتْ فريضةً من فرائضِ اللهِ أن تأمرَها بأداءِ ذلك الفرضِ الدينيِّ على وجهٍ أمِنْتَ من أن تعاكسَكَ عنادًا، وبالأَولى إذا أردتَ أن تنكرَ منكرًا أي أن تزيلَ محرمًا فإنك إن استعملتَ طريقةَ الرفقِ على هذا الوجهِ كان ذلك أقربَ للامتثالِ بنهْيِكَ.
فقد قالَ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "خيرُكم خيرُكم لأهلِهِ" معناهُ الترغيبُ في الرفقِ بالزوجةِ بمخالقِتها بخلقٍ حسنٍ.