الخلق الحسن
الإسلام نهى عن الكسب الحرام
الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى ءاله الطيبين الطاهرين.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168)﴾ سورة البقرة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به" رواه البيهقي. معناه الذي يغذي نفسه بالحرام النار أولى به، النار تستحق أن تعذبه يوم القيامة.
ولقد نهى الإسلام عن الكسب الحرام لأنه شؤم وبلاء على صاحبه، فبسببه يقسو القلب، وبسببه يمنع المرء إجابة الدعاء، لأن طيب المأكل والملبس من أقوى أسباب إجابة الدعاء مع صحة العقيدة وحسن النية. فمن دعا ولم يتحقق له ما طلب فلا يقل: "دعوت فلم يستجب لي" بل ليرجع إلى نفسه وليقل فيّ خلل ما، بسببه لم يستجب لي.
بل إن الحرص على كسب المال ولو من حرام له وبالٌ على الأمة كلها، فبسببه تفشو مساوىء الأخلاق من سرقة وغصب ورشوة وربا وغش واحتكار وتطفيف في الكيل والوزن وأكل مال اليتيم وأكل أموال الناس بالباطل وشيوع الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ولقد أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بأنه سوف يأتي على الناس زمان يتهاونون فيه في قضية الكسب فلا يدققون ولا يحققون في مكاسبهم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام" أخرجه البخاري. أكثر الناس لا يبالون من أين يأخذون المال إنما همّهم أن يحصلوا على المال ولا يدرون أن الإنسان يسأل حتى عن المال الحلال من أين أخذه ويسأل في ماذا انفقه.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)﴾ سورة التكاثر وقد صدق مصباح التوحيد سيدنا علي رضي الله عنه حين قال: "الدنيا حلالها حساب وحرامها عقاب". معنى "حلالها حساب" أنّ الإنسان يُسأل عن المال الحلال الذي دخل عليه في الدنيا من أين أخذه من حلال نجا وما عليه عقوبةٌ، وإن كان جمعه من حرام فإنه يستحق العقاب ولو صرفه في طرق الخير. إنما المؤمن السالم هو الذي اتقى ربه عز وجل وجمع ما وصل إليه من المال بطريق حلال وصرفه في طريق مباح. لذا ينبغي أن يفكر الإنسان من أي طريق يحصل على المال وفيما ينفقه.
وروى الطبراني أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "طلب الحلال واجب على كل مسلم" أي أنه لا يجوز تناول رزقٍ من طريق حرام بل على من أراد تحصيل المال لحاجة نفسه أو حاجة عياله أن يسعى للتحصيل بطريق مباح شرعا، مع الثقة بالله تعالى أنه هو الذي يسوق ما يشاء من الرزق لمن يشاء.
فاحرص على ان يكون جمعك للمال من طريق الحلال وصرفه في الحلال وإياك ثم إياك أن تغرّك الدنيا ويوسوس لك الشيطان ويزين لك الحرام.
اللهم ارزقنا مالا حلالا طيبا مباركا فيه، وباعد بيننا وبين السُّحت والربا، وبارك لنا في قليل الحلال واصرف عنا كثير الحرام يا قادر يا كريم. وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.