هل تعلم؟
أنَّ اللهَ تبارك وتعالى جعل الذنوبَ على درجتينِ ذنوب تُغفرُ وذنوب لا تغفر
بما أنَّ اللهَ تبارك وتعالى جعل الذنوبَ على درجتينِ ذنوب تُغفرُ وذنوب لا تغفر، الذنوبُ التي تُغفرُ هي ما سوى الكفرِ يغفرها اللهُ لمن يشاء، أما الكفرُ فلا يغفره اللهُ. لذا كان أهمّ الواجباتِ وأفضل الفرائضِ على الإنسانِ معرفةُ الإيمانِ من الكفرِ حتى يستمرَّ ويثبتَ ويدومَ على الإيمانِ ويتجنب الكفرَ على الدوامِ فكان أوَّل الواجبات وأعظمها عند اللهِ وأحبّ الأعمالِ إلى اللهِ العلم بالله وبرسولِه وبدينه. أول الواجباتِ التي أوجبها اللهُ على الإنسانِ هي معرفة اللهِ ومعرفة رسولهِ ومعرفة أمور دينه أي أمور دين اللهِ.
معنى معرفة اللهِ تعالى الاعتقادُ الجازمُ الذي لا شكَّ فيهِ أنَّ اللهَ موجودٌ لا يستحقُّ أحدٌ أن يُعبدَ إلاَّ هوَ، لأنَّه لا يستحقُّ أحدٌ نهايةَ التذلل إلا هو، وهذا معنى الآيةِ الكريمةِ في الفاتحةِ : ﴿إيَّاك نعبُدُ﴾، معناهُ أي لا نتذللُ نهايةَ التذللِ إلاَّ لكَ.
ثم معرفةُ اللهِ لا تصحّ مع تشبيه اللهِ بشىءٍ من خلقه، فمن شبَّهَ اللهَ بشىءٍ من خلقِهِ في اعتقادِهِ فهو غير عارفٍ بربّه لا يكونُ مؤمنًا باللهِ لا يكون عارفًا باللهِ، إنما عرَفَ اللهَ وءامنَ بهِ من لم يشبهْه بشىءٍ من خلقه. هذا الخلق الذي نشاهدُهُ والذي لا نشاهدُهُ، اللهُ تعالى لا يشبهه. فالنور خلْقٌ من خلْقِ اللهِ تعالى، والظلماتُ خلْقٌ من خلقِهِ، فاللهُ تعالى ليس نورًا ولا ظلمةً، هو خالقُ النور وخالقُ الظلماتِ فلا يكونُ هو نورًا ولا ظلمةً. "أنَّى يشبِهُ الخالقُ مخلوقَه" كيف يشبه الخالق مخلوقَه! لا يصحّ في العقلِ أن يشبه الخالقُ مخلوقَه، فاللهُ تعالى ليس نورًا ولا ظلمةً. فمن اعتقدَ أنَّ اللهَ تعالى نورًا أي ضوءًا فهو جاهلٌ باللهِ كافرٌ باللهِ، كذلكَ من اعتقدَ أنه ظلمةً فهو كافر باللهِ جاهلٌ باللهِ. الذي يزلق في الاعتقادِ عن عقيدةِ أهل الحقّ هذا يهوي إلى النارِ خالدًا مخلّدًا فيها، فاللهُ تعالى ليس نورًا ولا ظلمةً من اعتقده نورًا لم يعرفْهُ فهو غير مؤمنٍ باللهِ، ومن اعتقدَهُ ظلمةً فهو كذلكَ لم يعرفْه فهو جاهل به كافرُ بهِ، كذلكَ اللهُ تبارك وتعالى ليس كالهواءِ ولا كالروحِ ولا مثلَ الهواءِ ولا مثل الملائكةِ ولا مثل البشرِ ولا مثل المعادنِ والجواهر، إنما عرَفَ اللهَ تعالى من اعتقد وجودَه من غير أن يشبهه بشىءٍ، من غير أن يشبهه بنورٍ ولا ظلمةٍ ولا روحٍ ولا هواءٍ ولا غير ذلكَ من المخلوقاتِ. هذا الذي عرفَ اللهَ.