هل تعلم؟
كيف أسلم سيّدنا عُمَر بْن الخطَّابِ رضي الله عنه
سيدنا عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نُفيل وأمه حتمة بنت هاشم لقبه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالفاروق لأنه كان يفرق بين الحق والباطل أَسْلَمَ في السنةِ السادِسَةِ مِنَ النبوةِ وكانَ عُمُرُهُ سِتَّة وعشرينَ عامًا أَسْلَمَ بعدَ نحو أربعينَ رَجُلا وفي قِصَّةِ إسْلامِهِ عِدَّةُ رِواياتٍ منها ما ذُكِرَ في كُتُبِ السّيَرِ أَنَّ عُمَرَ قال: خرجْتُ أتعرَّضُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم فوجدْته قد سبقني إلى المسجد فلحقتُ به فإذا هو في الصَّلاةِ فقُمْتُ خلفهُ فاستفْتَحَ بسورةِ الحاقَّةِ فبدأتُ أتعجَّبُ من نظمِ القرءانِ فقلتُ هذا والله شاعِرٌ كما قالتْ قُريشٌ فقرأ رسولُ الله قولَ الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ (41)﴾ [سورة الحاقة] فقالَ عُمَرُ: إذًا هوَ كاهِنٌ فقرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ﴿وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (42)﴾. فقالَ عُمَرُ: وَقَعَ الإسلامُ في قلبي أشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وأشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله.
والروايةُ الأخرى قيلَ إنَّ عُمَرَ خرجَ متقلّدًا بالسيفِ فوجدَهُ رجُلٌ من بني زُهْرَة فقال: أين تَعْمَدُ يا عُمَرُ؟ قال أريدُ أن أقتلَ محمدًا، فقال: وكيف تأمَنُ من بني هاشم وبني زُهرة وقد قتلت محمدًا؟ فقالَ له عُمَرُ: أراكَ قد ترَكتَ دِينَكَ الذي أنتَ عليهِ، فقالَ الرَّجُلُ: أفَلا أَدلكَ على العَجَبِ؟ إنَّ أُخْتَكَ وَخَتَنَكَ (أي صِهْرَكَ) قد تركا دِيْنَكَ، فأتاهُما عُمَر وكانوا يقرؤونَ ﴿طه (1)﴾ سَمِعَ شيئًا من قراءةِ القرءانِ من خلفِ البابِ وكانَ عندهم أحدُ الصحابةِ وهو الخَبَّابُ فطرقَ عُمَرُ البابَ وفتحوا له، فقال أَسْمِعوني، فقالوا هو حديثٌ تحدَّثناهُ بيننا، ثُمَّ قالَ عُمَرُ: اتَّبَعْتَ محمَّدًا؟ فقالَ لهُ صِهْرُهُ: أرأَيْتَ يا عُمَرُ، إنْ كانَ الحَقُّ في غير دينِك، فبدأ يَضْرِبُ صهْرَهُ ضَرْبًا شديدًا فجاءَتْ أختُهُ تريدُ أنْ تُدافِعَ عن زوجِها فضربها فقالت بقلْبٍ ثابتٍ متوكّلٍ على الحيّ الذي لا يموتُ: أرأيتَ إنْ كانَ الحَقُّ في غير ديْنِكَ؟ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله. فتوقّفَ عمر عن ضربِ صِهْرِه ثم طلب الصحيفة فلما أُعطيتْ له الصحيفةُ ورأى فيها ﴿طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3) تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَى (4)﴾ إلى أن وصلَ إلى قولهِ تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14)﴾.
فقالَ دُلُّوني على محمدٍ فلمَّا سمِعَ الخَبَّاب خرج وقال له أبْشِر يا عُمَرُ فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله ليلة الخميس لك، اللهم أعِزَّ الإسلام بعمر بن الخطَّاب أو بعمرو بن هشام (أي أبي جهلٍ)، فقال دلُّوني على رسول الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت الأرْقَمِ في الصَّفا وراح إلى هناكَ وضربَ البابَ وكان من أشدّ الناسِ على رسول الله في الجاهلية، فقال الصحابةُ: يا رسولَ الله هذا عُمَرُ، ففتحَ البابَ وتقدَّمَ نحوَ النبيّ فأخذهُ الرسولُ الأعظَمُ أشجعُ خلْقِ الله أَخَذَهُ بمجامِعِ قميصِهِ وقالَ: أَسلِم يا ابنَ الخَطَّابِ، اللهم اهْدِهِ. فما تمالَكَ عُمَرُ أن وقعَ على رُكْبَتِهِ فقالَ لهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم "مَا أنتَ بِمُنْتَهٍ يَا عُمَرُ؟" فقالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إلا الله وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ وأَشْهَدُ أَنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورَسولُه، فكبَّر أَهْلُ الدَّارِ تكبيرةً سمِعَها أهلُ المسجِدِ الحَرامِ.