كيف تفسر الآيات المتشابهات
تفسير: لا نفرّق بين أحد من رسله
20- تفسير قوله تعالى: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِّن رسُلِهِ﴾ [سورة البقرة].
ذكر ابن الجوزي في زاد المسير قال: ومعنى قوله تعالى: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِّن رسُلِهِ﴾ أي لا نفعل كما فعل أهل الكتاب ءامنوا ببعض وكفروا ببعض.
وقال الخازن في تفسيره: قوله تعالى: ﴿وَكُلٌّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾: قال: فهذه أربع مراتب من أصول الايمان وضرورياته فأما الإيمان بالله فهو أن يؤمن بأن الله واحد أحد لا شريك له ولا نظير له، ويؤمن بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأنه حي عالم قادر على كل شىء، وأما الإيمان بالملائكة فهو أن يؤمن بوجودهم وأنهم معصومون مطهرون وأنهم السفرة الكرام البررة وأنهم الوسائط بين الله تعالى وبين رسله. وأما الإيمان بكتبه فهو بأن يؤمن بأن الكتب المنـزلة من عند الله هي وحي الله إلى رسله، وأنها حق وصدق من عند الله بغير شك ولا ارتياب، وأن القرءان لم يحرّف ولم يبدّل ولم يغيّر، وأنه مشتمل على المحكم والمتشابه وأن محكمه يكشف عن متشابهه، وأما الايمان بالرسل فهو أن يؤمن بأنهم رسل الله إلى عباده وأمناؤه على وحيه وأنهم معصومون وأنهم أفضل خلق الله، وأن بعضهم أفضل من بعض وقد أنكر بعضهم ذلك وتمسك بقوله تعالى: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾ وأجيب عنه بأن المقصود من هذه الجملة شيء ءاخر وهو إثبات نبوة الأنبياء والرد على أهل الكتاب الذين يقرون بنبوة موسى وعيسى وينكرون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت بالنص الصريح تفضيل بعض الأنبياء على بعض بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ ومعنى قوله: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رسُلِهِ﴾ أي لا نفعل كما فعل أهل الكتاب يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض يعني بعد أن كفروا مع تمسكهم لفظًا بالكتابين، بل نؤمن بجميع رسله وفي الآية إضمار وتقدير. وقالوا: "يعني المؤمنين": ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وأطَعْنَا﴾ يعني سمعنا قولك وأطعنا أمرك والمعنى قال المؤمنون سمعنا قول ربنا فيما أمرنا به ونهانا عنه: ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ أي نسألك غفرانك ربنا أو يكون المعنى اغفر لنا غفرانك ربنا: ﴿وَإلَيْكَ المَصِيرُ﴾ يعني قالوا إليكم يا ربنا مرجعنا ومعادنا فاغفر لنا ذنوبنا.