من مواعظ سيدي أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه

من مواعظ الصوفية

من مواعظ سيدي أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه

التصوف

"يا ولدي التصوف الإعراض عن غير الله، وعدم شغل الفكر بذات الله، والتوكل على الله، وإلقاء زمام الحال في باب التفويض، وحسن الظن به في جميع الحالات".


الذكر

"الذكر حفظ القلب من الوسواس وترك الميل إلى الناس، والتخلي عن كل قياس".


إياك والتقرب إلى أهل الدنيا

يقول رضي الله عنه: "إياك والتقرب إلى أهل الدنيا، فإن التقرب منهم يقسّي القلب، واتخذ الفقراء أصحابًا وأحبابًا، وعظّمهم وكن مشغولا بخدمتهم، وإذا جاءك واحد منهم فانتصب له على قدميك واسأله الدعاء الصالح، وجاهد نفسك لكي تكون منهم وكن شبيهًا بهم، من تشبه بقومٍ فهو منهم ومن أحب قومًا حشر معهم، ولو عرف الناس ربهم حق المعرفة كما عرفه الفقراء لانقطعوا عن معاش الدنيا وأحوالها بالكُلّية، ومن علامة الفقير أنه إذا أعطى عطاءً أعطاه لوجه الله ومرضاته لا شىء ءاخر غير ذلك".


القلب

"القلب جوهرة مظلمة مغمورة بتراب الغفلة، جلاؤها الفكر، ونورها الذكر، وصندوقها الصبر".


الفقير

وقال رضي الله عنه: "شرط الفقير أنه لا يعلق نظره بملبوسات الخلق وغيرها، فإنه إن علقه بذلك التبس عليه الأمر، وكلما اختلط الفقير بالخلق ظهرت عيوبه، أي أخي لا تنظر إلى عيوب الخلق فإن نظرت أظهر الله فيك جميع العيوب، وإن كان فيك عيب لا تنحرف عن الطريق المستقيم، ولا تراعِ هوى النفس وشهواتها بل راعِ التقوى وأنواع الطاعة وملازمة السنة والجماعة، وإذا جلست بالخلوة فاحذر الوسواس، وصفّ خواطرك من الكُدورات والرعونات البشرية، وإذا صدر من أخيك عيب فاصفح عنه الصفح الجميل واستر الستر الجليل، وعامل عباد الله بالصلاح والنصح والتقوى، وعظم أهل الخشوع والمراقبة، ومن كان لك عليه حق أو له عليك حق، فداره كي يعطيك حقك أو إلى أن تعطيه حقه، بل إذا كان لك حق عند أحد فسامحه يُعطيك الله ويعوض عليك، وكن مع الخَلق بالأدب، وعليك تركَ الدنيا ومخالفة النفس، والحذر من الهوى والهوس فإنهما أكبر أعدائك، واعلم أن التوفيق في جميع الأحوال إنما هو من الله سبحانه وتعالى".


نصيحة لأحد مريديه

وكان يقول رضي الله عنه ناصحًا وواعظًا أحد مريديه: "عليك بملازمة الشرع بأمر الظاهر والباطن، وبحفظ القلوب من نسيان ذكر الله، وبخدمة الفقراء والغرباء، وبادر دائمًا بالسرعة للعمل الصالح من غير كسل ولا ملل، وقم في مرضاة الله تعالى، وقف في مرضاة الله تعالى، وقف في باب الله تعالى، وعود نفسك القيام في الليل، وسلمها من الرياء في العمل، وابك في خَلواتك وجلواتك على ذنوبك الماضية، واعلم أن الدنيا خيال وما فيها زوال، همة أبناء الدنيا دنياهم، وهمة أبناء الآخرة ءاخرتهم.
واشغل ذهنك عن الوساوس، واحذر نفسك من مصاحبة صديق السوء فإن عاقبة مصاحبته الندامة والتأسف يوم القيامة كما قال الله تعالى مخبرًا عمن هذا حاله: ﴿لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً (28)﴾ [سورة الفرقان]. فبئس القرين، فاحفظ نفسك من القرين السوء.
يا ولدي إن ما أكلتَه تفنيه، وما لبستَه تبليه، وما عملتَه تُلاقيه، والتوجه إلى الله حتمًا مقضيًّا، وفراق الأحبة وعدًا مأتيا، والدنيا أولها ضعف وفتور، وءاخرها موت وقبور، لو بقي ساكنها ما خربت مساكنها، فاربط قلبك بالله (أي بطاعته ومحبته)، وأعرض عن غير الله، وسلم في جميع أحوالك لله، واجعل سلوكك في طريق الفقراء بالتواضع، واستقم بالخدمة على قدم الشريعة، واحفظ نيتك من دنس الوسواس، وأمسك قلبك من الميل إلى الناس، وكل خبزًا يابسًا وماءً مالحًا من باب الله، ولا تأكل لحمًا طريًا وعسلًا من باب غير الله، وتمسك بسبب لمعيشتك بطريق الشرع من كسب حلال، وإياك من كسر خواطر الفقراء، وصِلِ الرحم، وأكرم الأقارب، واعفُ عمن ظلمك، وأكثِر زيارة القبور، وليّن كلامك للخلق، وكلمهم على قدر عقولهم، وحسّن خُلقَك، وأعرِض عن الجاهلين، وقم بقضاء حوائج اليتامى وأكرِمهم، وأكثرِ التردد لزيارة المتروكين من الفقراء، وبادر بخدمة الأرامل، وارحم تُرحم، وكن مع الله تر الله معك، واجعل الإخلاص رفيقك في سائر الأقوال والأفعال، واجتهد بهداية الخلق لطريق الحق، ولا ترغب للكرامات وخوارق العادات فإن الأولياء يستترون مِن الكرامات كما تستتر المرأة من دم الحيض، ولازم باب الله، ووجه قلبك لرسول الله، وقم بنصيحة الإخوان، وألف بين قلوبهم، وأصلح بين الناس، واجمع الناس مهما استطعت على الله بطريقتك، وعمَّر قلبك بالذكر، وجمّل قالبك بالفكر، واستعن بالله، واصبر على مصائب الله، وكن راضيًا عن الله، وقل على كل حال الحمد لله، وأكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن تحركت نفسك بالشهوة أو بالكِبْر فصُم تطوعًا لله واعتصم بحبل الله، واجلس في بيتك ولا تكثر الخروج للأسواق ومواضع الفُرَج فمن ترك الفُرَج نال الفَرَج، وأكرم ضيفك، وارحم أهلك وولدك وزوجتك وخادمك، واعمل للآخرة عملًا حسنًا، واجعل عملك في الدنيا عمل الآخرة، وقل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.
هذه نصيحتي لك ولكل من سلك طريقي ولإخواني ولجميع المسلمين والمحبين كثرهم الله، وأستغفر الله العظيم من جميع الذنوب خفيها وجليها وكبيرها وصغيرها".


القول بالنصيحة

ينبغي أن يجعل المرء نفسه قائلاً بالنصائح والمواعظ، ويكون متلبسًا بأفعال المعروف ممتثلاً للأوامر والنواهي.
ويقول أيضًا: "ومما ينبغي أن يجعل المرء نفسه قائلاً بالنصائح والمواعظ، ويكون متلبسًا بأفعال المعروف ممتثلاً للأوامر والنواهي، واقفًا مع الحق وطريق الشرع، حتى إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر قُبِلَ منه وامتُثلَ له، وكان لأمره تأثير في نفس المأمور ولنهيه وإلا فلا يقبل منه ذلك ولا يُسمع ما يقول وكان من العظيم عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3)﴾ [سورة الصف] ولهذا كانت قلوب الصالحين مهبطَ الأنوار، وإن لم يكن القلب منورًا بنور العبادة والطاعة وأفعال الخيرات كان مهبطَ الشيطان ويلقي صاحبه في ظلم الباطل ويجره إلى الشقاوة، فنعوذ بالله من ذلك".


من مواعظه أيضًا

قالَ الإمامُ الرِّفاعيُّ رَضِيَ الله عَنهُ: "إِنْ غَرَّكُمْ لِبَاسُ الحُكَّامِ والأَعَيانِ وزِينَتُهُم وضَاقَتْ صُدُورُكُم بِهذا فَاذْهَبُوا إلى المَقابِرِ وانْظُرُوا ءَاباءَكُم وءابَاءَهُم تَجِدُوا الكُلَّ في التُّرابِ واللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ هُو في النَّعِيمِ ومَنْ هُو فِي العَذَابِ".